جامـــــــــــــــعة
بــــغــــــــــــداد
كلية اللغات/
قسم اللغة الفارسية
عنوان البحث
وحدة الوجود في الادب الفارسي
بين الاصطلاح والمفاهيم
الباحث
المدرس
الدكتور رحيم مزهر العتابي
قسم اللغة الفارسية
المقدمة
منذ القرن السادس الهجري ظهر بعض
المتصوفة ومزجوا تصوفهم بالفلسفة فسمي ب((التصوف الفلسفي)) ومن هؤلاء الشيخ الاكبر
بن عربي وسلطان العاشقين عمر بن الفارض وغيرهم٬ وهكذا كانت مرحلة النضوج التي بدأت
من القرن الثالث الهجري ومابعده حين استحال التصوف الى علم للاخلاق الدينية يهدف
الى الترقي بالنفس الانسانية لتبلغ كمالها ولتفنى في الحقيقة المطلقة وان الصوفية
لجأوا في التعبير عن احوالهم الى مصطلحات لاتفهم الا بنوع من التحليل والتعمق. وقد
كان الصوفية على اختلافهم يتصورون طريقاَ للسلوك الى الله٬يبدأ بمجاهدة النفس
ويتدرج السالك له في مراحل متعددة تعرف عندهم بالاحوال والمقامات وينتهي من
مقاماته واحواله الى المعرفة بالله٬ومن ثم الايمان بوحدة الوجود٬فظهرت نظريات
عديدة للتصوف اهمها نظرية وحدة الوجود عند بن عربي وعند بن سبعين الذي كان اكثر
امعاناً من بن عربي في الكثرة واطلاق الوحدة٬ وغني عن البيان ان الايمان بوحدة
الوجود لله تعالى وحده٬ أدى ببعض المتصوفة الى حبه والتعبير عن ذلك في اشعارهم
وكتاباتهم تعبيراً فلسفياً. وقد ذكر بن خلدون في مقدمته ان الصوفي قد يغيب في
لحظات معينه عن شعوره بذاته٬ فيحس ان العالم الخارجي لا حقيقة له بالقياس الى الله
مما تتربب على ذلك ظهور مذاهب صوفية كوحدة الوجود لكنها لاتخرج عن كونها مذاقات
خاصة تجعل منها شيئاً مختلفاً عن تلك البناءات الفكرية القائمة على اساس الاستدلال
العقلي الصارم عند الفلاسفة. ولقد زخر التراث العربي بمثل من وصفهم بن خلدون في
مقدمته في تعريف طريقة التصوف وحقيقة الصوفية٬ وظهر الكثير ممن ساروا في هذا
المسلك الموغل في فلسفة عميقة تجعل من الصوفي مثار جدل ومكمن بحث وسؤال ولن ننسى
الحلاج وبن عربي وشعراء الفرس مثل جلال الدين الرومي وفريد الدين العطار. الهدف من
البحث هو تبيان ان اصطلاح وحدة الوجود له مفاهيم مختلفة تختلف واختلاف الرؤى
واسلوب المقاربة للمنهج الصوفي وعمقه.
والمقصود بوحدة الوجود هو القول ان ثمة وجوداً واحداً فقط هو الله. واذا ما
ذكرنا وحدة الوجود فان بن عربي هو اول واضع لهذا المذهب في التصوف الاسلامي وهو
مذهب يقوم على دعائم ذوقية اساساً بقوله" سبحان من خلق الاشياء وهو
عينها". ولقد حمل بن عربي وحدة الوجود الى ابعد اصقاع بلاد الاسلام ومصنفاته٬
انتشرت انتشاراً عظيماً في تركيا وفارس والهند٬ ونجد ان مبادئ وحدة الوجود الصوفية
التي قال بها ورموز لغته تعرض وتفسر بحرص شديد في معاجم الاصطلاحات الصوفية. ومن
الفلاسفة ايضاً الذين ساهموا في تأصيل فلسفة وحدة الوجود في الفلسفة الاسلامية هو
الفيلسوف والمفكر صدر الدين الشيرازي والمعروف بملا صدرا صاحب كتاب الاسفار
الاربعة حيث يقول(( ثبت تناهي سلسلة الموجودات من العلل والمعلولات الى حقيقة
واحدة ظهر ان لجميع الموجودات اصلاً واحداً ذاته بذاته( واجب الوجود) فيض
للموجودات فهو الحقيقة والبقايا شؤونه وهو الذات وغيره اسماؤه ونعوته)) وهذا مايسمى
عند الصوفية الحكمة الاشراقية ومؤسسها السهروردي اي ان الجمال في رأيهم اشراقي فهو
نور قدسي فائض من جمال الحضرة الالهية٬ سرى في سائر الموجودات علواً وسفلاً٬
باطناً وظاهراً فأول اشراقه على عالم الملكوت ثم عالم الجبروت وهو عالم النفوس
الانسانية ثم على القوى الحيوانية ثم النباتية ثم سائر اجسام العالم فما من ذرة من
العالم الا وقد اشرق عليها من هذا لنور الالهي والجمال القدسي بقدر احتماله
والانسان في هذا اعلى المخلوقات.
ومن هنا ان واحدية الوجود التي قال بها بن عربي تذهب الى انه ليس في العالم
وجودان بل وجود واحد٬ فالله هو العالم والعالم هو الله. وان مظاهر العالم المختلفة
ليست سوى مظاهر الله تعالى اي ليس لله الا الوجود القائم بالمخلوقات٬ وليس هناك
غيره ولا سواه.
وينظر بن عربي الى الانسان بوصفه اصل وجود العالم٬ وانه مبدأ صلة العالم مع
الله. ولايقر بن عربي بالوجود الموضوعي للعالم الخارجي٬ في حين يعترف تلميذه ملا
صدرا الشيرازي صراحة بالوجود الخارجي وجوداً موضوعياً٬ مع قوله بوجود اله حقيقي٬
او ارجاعه كلا الوجودين الى حقيقة واحدة وهوية واحدة.
معنى اصطلاح وحدة الوجود والفرق بينها وبين وحدة
الشهود
قسم كثير من العلماء والباحثين
الوحدة قسمين:
1. وحدة الشهود: ويعنون بها تلك الحالة النفسية التي تحصل
لبعض العباد٬ حينما يذهلون عن العالم٬ ولايشعرون به ٬ مع اعتقاد انه موجوداً
وجوداً حقيقياً غير وجود الله.
2.
وحدة الوجود: وهي
اعتقاد ان وجود العالم عين وجود الله.
وأرى ان هذا التقسيم غير وارد على الصوفية٬ لان الصوفية لا يعتقدون وجود
الشهود بهذا المعنى٬ لتضمنها الاعتقاد بوجودين: وجود واجب قديم٬ ووجود ممكن حادث٬
بل يرون ان هذا الاعتقاد انما هو للمحجوبين العوام٬ او على احسن الاحوال للمبتدئين
في سلوك طريق التصوف٬ الذين لم يعرفوا بعد الحقيقة٬ ولم يصلوا الى درجة الكمال
والعرفان.
ولكن الصوفية قد استخدموا مصطلح وحدة الشهود في الدلالة على معتقدهم في
الوجود٬ فحيثما ورد هذا المصطلح في كلام القوم فانما يعنون به استشعار الصوفي وحدة
الوجود٬ وشهوده الدائم للوجود الالهي في مظاهر الكون٬ و(شهود وحدة الوجود).
والشهود هو الحضور والمعاينة٬ وانما يرتفع الحجاب عن العبد بالتحلي بالاوصاف
الحميدة٬ بعد التخلي عن اضدادها الكثيفة٬ فتصل حينئذ الى مشاهدة جمال الحق في
محاسن اسمائه وصفاته٬ ويشهد معنى قوله تعالى(( كل شيء هالك الا وجهه)).
وقد ورد ان المشاهدة هي رؤية الحق في كل ذرة من ذرات الوجود٬ وان يكشف
للعبد ان انوار وجود وحدة الذات الالهية محيطة بجميع الاشياء٬ وانه تعالى متجلًََ
بصفاته واسمائه٬ وانه تعالى ظاهر في كل صورة. ومع ان لفظ المشاهدة يدل على
الاثنينية؛ لكونه يقتضي مشاهِداً ومشاهَداً٬ الا ان الصوفية ينكرون هذه الدلالة٬
ويرون انها من اوهام المحجوبين.
وهناك نماذج تنكر وجود اية مسافة او ثغرات او ثنائيات٬ ولذا فهي تنكر
امكانية التجاوز. وكل هذه المصطلحات تتطلب توضيحاً. فالمنظومات المعرفية التي تدور
في اطار المرجعية المتجاوزة لعالم المادة( مثل العقائد التوحيدية) تحتفظ بالحدود
الفاصلة بين الخالق العلي المتجاوز وبين مخلوقاته٬ فهو مركز النموذج المفارق
والمتجاوز له. ولذا تظل المسافة بين الخالق والمخلوق قائمة٬ لايمكن اختزالها مهما
كانت درجة اقتراب المؤمن من الاله. ومن هنا٬ لايمكن في الاطار التوحيدي ان يصل
المتصوف الى الالتصاق بالاله او الاتحاد به او الفناء فيه٬ فثمة مسافة جوهرية
ثابتة. ولذا فانه حتى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يصل٬ بل ظل في اقصى
حالات الاقتراب قاب قوسين او ادنى. وهذا ما اسماه احد الفقهاء (( البينية)) ٬ اي
وجود حيز بين الخالق والمخلوق.
ووجود الحدود بين الخالق والمخلوق يعني ان للمخلوق حدوده التي لايتجاوزها٬
ولكنها تعني ايضاً انه هوية محددة وجوهر مستقل٬ ومن ثم فهو كائن حر مستقل مسئول.
والمسافة بين الخالق والمخلوق يمكن ان تصبح ثغرة او هُوة ان ابتعد المخلوق عن
خالقه٬ وانعزل عنه٬ ونسي خصائصه(جانبه واصله الرباني) التي تميزه عن بقية
الكائنات. ولكن ان حاول الانسان التفاعل مع الاله٬ وتذكر اصوله وابعاده الربانية
التي تميزه من الكائنات الطبيعية٬ فان المسافة تتحول الى مجال للتفاعل ويصبح
الانسان نفسه كائناً مستخلفاً في الارض يشغل المركز٬ وذلك بسبب القبس الالهي داخله
وبسبب تفاعله مع الخالق. فالعلاقة بين الخالق والمخلوق هي علاقة اتصال وانفصال.
مفاهيم وحدة الوجود في ديانات العالم
وفلسفاته
إن
نظرية وحدة الوجود ليست وليدة الفكر العربي الإسلامي بمقدار ما هي إسهام إنساني
مشترك قام كل من اسبينوزا[1] في
الغرب و ابن عربي في الشرق الإسلامي بصياغة مجملة له .
فالعلاقة بين الله و العالم في الذهنية الهندية ليست علاقة خلق و إبداع من عدم , و إنما هي علاقة فيض و صدور و تجلٍ " إنّي أنا هذا الخلق نفسه لأني أخرجه من نفسي ، من هنا نشأ الخلق " وعند ابن عربي ايضاً نفس المفهوم حيث يروي عن الحديث القدسي((کنت کنزاً مخفیاً فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق لاُعرف)).
فالعلاقة بين الله و العالم في الذهنية الهندية ليست علاقة خلق و إبداع من عدم , و إنما هي علاقة فيض و صدور و تجلٍ " إنّي أنا هذا الخلق نفسه لأني أخرجه من نفسي ، من هنا نشأ الخلق " وعند ابن عربي ايضاً نفس المفهوم حيث يروي عن الحديث القدسي((کنت کنزاً مخفیاً فأحببت ان اعرف فخلقت الخلق لاُعرف)).
و فكرة الله لم تتبلور بعد و عملية الخلق تأخذ منحى عاماً اعتباراً من حكماء أسفار البوبانشاد و انتهاءً بطاغور[2] ، و حتى غاندي القائل أن الله كامنً في الصخرة " كل صخرة على الإطلاق " فالفكر الهندوسي يراوح بين إسقاط الألوهية على العالم حيناً، و بين تعالي الأولوهية على العالم حيناً آخر .
أما في الصين فإن انسجام العقل الصيني بالروح العلمية و تركيزه على التفاعل مع الحياة المعاشة تفاعلاً واقعياً . أدى بالضرورة إلى افتقار الأفكار و العقائد الصينية إلى ما وراء الطبيعة ، و لعل كتاب " التغيرات " الذي جمعه " ون واﻧﻎ [3] " في سجنه يعد إحدى الوثائق الفلسفية القليلة التي عنيت بما وراء الطبيعة في الصين ، حيث تقوم البنية الجوهرية لكتاب التغيرات على أن الظواهر الكونية هي ثمانية فقط ، يمثل كل منها متوالية ثلاثية الخطوط , بحيث ترمز المتوالية إلى كونية ايجابية بظاهرة أخرى سلبية ، و أطلق كتاب التغيرات على الظاهرة السلبية أسم " الين " أي القمري بينما أطلق على الظاهرة الإيجابية " اليانج " أي الشمس ،
و ننتقل الآن إلى وحدة الوجود عند الإغريق . فالأورفية[4] مثلاً كانت تعتقد بوحدة الوجود . فزيوس الإله الواحد . إله في كل شيء و هو في كل مكان , و لذا آمنت الأورفية بأن الهدف الجوهري للإنسان يتمركز على محور الحقيقة الروحية ، و لا يستهدف التلاشي البسيط في قمة اللانهاية الإلهية . و هنا لابد أن نعرج قليلاً على أفلاطون قبل التحول إلى نقطة أخرى . فأفلاطون مثلاً يعرّف " الكينونة بالقوة , أي الكينونة تفترض القوة , و تكون خاضعة لها بالضرورة "... إنها فاعل العقل و مفعوله , و لذا كان طبيعياً أن يكون نصيب فكرة العدم , الرفض المطلق , و هذا ما نتحسبه من محاورة " مشكلة الخطأ و مسألة اللاوجود " , ففي الحوار الدائر بين تيئيتس و الغريب , نجد هذا الغريب يطرح مقولات غاية في الخطورة " إن كل من يحاول التعبير عن الوجود ، لا يتكلم البته " . و هل يمكن أن يضاف موجود ما من الموجودات إلى غير الموجود
و لعل هذا الطرح رافق الفكر الغربي على طول امتداده .... و سنرى – عبر تجوالنا – هذه الملامح و الخطوط العامة لوحدة الوجود في الفكر الغربي ، أسواء في إغريق الأمس البعيد أم في الغرب القريب . فالله عند أرسطو هو المحرك الذي لا يتحرك ، أي الذي حرك العالم ثم تركه و شأنه . و ما كان هذا سوى بداية الطريق حيث أن فكرة إقصاء وجود الله حققت نمواً كبيراً مع التغيرات الاقتصادية ونمو البرجوازية في أوربا في العصر الحديث . و بداية عصر التنوير الذي أقام صرحه على العقلانية المحضة ، حيث ولدت نظرية الدين الطبيعي مقرة بوجود الله مع رفضها للوحي الإلهي . فالله لم يعد واجب الوجود كما كان الأمر في العصر الوسيط و ما قبله ، بل غدا مجرد فرضية احتمالية تقتضيها الحياة ، و بنية التركيب العقلي و النفسي للإنسان ، لذا قال فولتر " إذا كان الله غير موجود فلابد من اختراعه " و تابعه على ذلك فيودور دستويفسكي و غيره كثيرون ......., إلا أن معظم رواد عصر التنوير لم يجدوا ضرورة لمثل هذه الفرضية فقالوا بأزليّة العالم..... و هذا يعني دمج الله بالعالم ضرورة ً.
و لنقف في ختام هذه الجولة عنه باروخ اسبينوزا " رائد وحدة الوجود في الفكر الغربي " حيث ينطلق اسبينوزا من ثلاث اصطلاحات محورية هي :
جوهر : و يعني به الحقيقة الأساسية الثابتة , و بناء قوانين العالم .
صفه : وهي أحد مظاهر الجوهر أو الحقيقة غير المتناهية كالاتساع و الفكر .
عرض : و هو شيء معين أو شكل حادث .
و اسبينوزا يعني بالجوهر بالنظام الأبدي أو سنة الله . فهو إذ يقسّم العالم إلى جوهر أي إله ، و عرض أية مادة ، و حادث هو العالم المادي المحسوس , بيد أن الجوهر أي الله هو حقيقة تتسامى على المادة .
إذاً ليس العالم هو الله , و لا الله هو العالم , و إنما بعبارة أكثر دقة , إن العالم كامن في الله , فالله هو كل شيء , فاسبينوزا يرفض إذن أي تشخص للإله . و يجيب رجلاً أعترض على تصوره اللاشخصي و الغامض لله قائلاً : عندما تقول إنني أنكر بأن يكون لله بصر و سمع و إرادة و ما إلى ذلك فإنك لا تعرف أي نوع من الله إلهي , و أظن أنك تعتقد بأن الإله أعظم كمالاً من الله الذي يتصف بالصفات السابقة ، و هذا لا يدعو إلى إثارة الدهشة في نفسي ، لأنني أعتقد أن المثلث لو أستطاع أن يتكلم لقال بنفسه على أن الله مثلي في أضلاعه , و لقالت الدائرة إن طبيعة الله دائرية في سموها ، و هكذا يخلع كل شيء صفاته الخاصة على الله " .
فيستحيل و جود شيء أو تصوره بدون الله , فمن المؤكد أن كل موجودات الطبيعة تحتوي على فكرة الله , و تعبر عنها حسب درجتها في الماهية و الكمال . و مع اسبينوزا هذا ينتهي كل صراع بين الدين و الفلسفة . ذلكم هو إله اسبينوزا , إنه كل الوجود .... يؤطره ....و يحتويه , و بشكل يستحيل أن يوجد شيء خارج نطاقه ، فهو إله متسامي لا شخصاني
و للوقوف عند نظرية وحدة الوجود خارج إطار الفكر العربي الإسلامي يبقى أمامنا محطتين هما الرواقية و الأفلاطونية الحديثة , فالكون بالنسبة للرواقية قديم أزلي بيد أن نظامه حادث , و هو كون واحد , و يقول الرواقيون بوجود مبدأين للكون ، أولهما مبدأ فاعل ، و الآخر منفعل , و ما المادة إلا هذا المبدأ المنفعل باعتبارها جوهراً خالياً من كل الصفات , أما المبدأ الفاعل أي الإلهي فهو ذلك العقل الكائن في المادة ذاتها و الذي يمنح الأشياء و الكائنات صورها .
أما
الأفلاطونية الحديثة فقد صيغت بشكل نهائي على يد أفلوطين ، و أستاذه نومينوس ابن
مدينة أفاميا و تلميذه فورفيزيوس الذي جمع رسائله الأربع و الخمسين و نشرها باسم
" التاسوعات". تبدأ ميتافيزياء أفلوطين بثالوث مقدس : الواحد
, فالعقل , فالنفس , و هذا الثالوث ليس متساوياً , بل يتسامى الأول على الثاني ، و
الثاني على الثالث بالتدريج ، فالواحد ... أي الله يتصف بالجود و الكمال , و لابد
أن يفيض عنه كائن أدنى منه وفقاً للقانون العام الذي ينص أن كل كائن يصل حد الكمال
لا بد له أن يلد كائاً آخر . مشابهاً له , و لكنه أدنى منه كمالاً , و لذا يصدر عن
الله أول ما يصدر العقل الكلي أو الروح المطلقة ، ثم إن العقل يفيض بدوره فتولد
النفس الكلية التي تنتشر محققة كافة الأشكال الكامنة في العقل الكلي , ثم تفيض
النفس الكلية بدورها بالنفوس الجزئية ، و هكذا يعني أن كل الأشياء صادرة عن
الموجود الأول .... الله , فهي إذن مترابطة و متطابقة ترابطاً و تطابقاً كاملاً ,
لذا , كان هذا العالم هو حيز العوالم الممكنة ، و أنه خير في كلّيته , و ما الشر
إلا ضرب من العدم .
أما بالنسبة لديانات الشرق القديمة فنحن حيال وحدة وجود حيوية ذات طابع أسطوري . فالساميون عامة كانوا يدينون بعبادة الطبيعة التي اتخذت لديهم رمزاً للألوهية . و دائماً ما تتمظهر هذة الديانات في عبادة قوتي التوليد و النمو المنبثقة بالضرورة عن طبيعة المجتمع الزراعي
فأيل " أي الله " يمثل في التصور الفينيقي الكنعاني الأسطوري جماع الآلهة المتعددة . أي جميع ظواهر الكون ، و إذا ما وضعنا تصور الأسماء الحسنى في هذا السياق ، فإنه يتضح لنا أن هذه الأخيرة هي الجمع من الواحد . فالعلاقة بين الوحدة و الكثرة هي علاقة جدلية من طراز أسطوري عميق الدلالة ، ولنقف عند هذا النص من الملحمة البابلية " أنيوما إيليش "[5] التي تتحدث عن بداية الكون و الإله مردوخ .
" ثم جلسو ليعلنوا أسماءه
و كلهم يتذكر أسماءه في المكان المقدس
تعالوا نعلن للملأ أسماءه الخمسين "
فالخمسين تنطوي على الواحد و تشير إليه , كما ينطوي الواحد على الخمسين و تشير إليها .
أما في وادي النيل فلا يكاد المصري القديم يفرق بين الآلهة و الأشياء و البشر إلا في حدود الشكل , حتى أنه ليعد الناس و الآلهة و العناصر الكونية شيئاً واحداً من حيث الجوهر . أي أنهم لم يكونوا ليؤمنوا بإله واحد متعالٍ على العالم ، و إنما كانوا يؤمنون بوحدة وجود , وحدة الكون , وحدة الله و العالم و الإنسان . لأنهم اعتقدوا بأن كل الكائنات من نجوم و أقمار و أنهار و آلهة و بشر ، ذات جوهر واحد كقوس قزح تطغى فيه الألوان على غيرها وفقاً لتغير الظروف " فملك مصر هو نفسه أحد الآلهة و ممثل البلاد بين الآلهة ، و هو فضلاً عن ذلك الوسيط الرسمي الوحيد بين الشعب و الآلهة , والكاهن المعترف به الأوحد للآلهة كلها ..... و أنى للملك أن يكون إله إذا لم يكن الإله الملك حالّـاً فيه , فيصبح الاثنان واحداً " و هذا ضرب من الحلول كما قد يخيل لفريق من الناس , ولكن الحلول نفسه مرفوض في الذهنيه الأسطورية المصرية .
لقد قمت حتى الآن بعرض مختصر لنظرية وحدة الوجود في المرحلة ما قبل الإسلامية .
نشأة وحدة الوجود عند الصوفية
ان المعنى الحقيقي
للتصوف قديمه وحديثه هو الرياضيات النفسية التي يقوم بها السالك٬ ليستشعر من
خلالها اندماج كل شيء في الوجود الالهي٬ او ليحس حتى يفنى وجوده البشري الموهوم٬
في الوجود الحق الالهي. فيقول الصوفي الايراني المعاصر سيد حسين نصر ان التعاليم
الصوفية تدور حول عقيدتين اساسيتين٬ هما: وحدة الوجود٬ والانسان الكامل٬ ان جميع
الاشياء تجليات للاسماء الحسنى والصفات الالهية. ويعتقد الصوفية ان وحدة الوجود هي
غاية التصوف فالتصوف يقسم الى قسمين: طريقة وحقيقة٬ فالطريقة هي الرياضات النفسية
التي يمارسها الصوفي باشراف خبير بالتصوف ليصل الى الحقيقة٬ فليست الطريقة اذاً
مرادة لذاتها٬ وانما هي مرادة لانها توصل سالكها الى الحقيقة. ويقول الصوفية ان
الحقيقة نتيجة الطريقة والحقيقة هي الاعتقاد بوحدة الوجود٬ ويقول ابو حامد الغزالي
في كتابه مشكاة الانوار: (( ان العارفون بعد العروج الى سماء الحقيقة اتفقوا على
انهم لم يروا في الوجود الا الواحد الحق)).
ومن اقوال ابي
يزيد البسطامي وهو اول زعماء اهل التصوف والدالة على اعتناقه وحدة الوجود قوله: (حججت مرة فرأيت البيت ولم أر رب البيت٬ ثم حججت ثانية فرأت البيت
ورأيت رب البيت٬ ثم حججت ثالثة فرأيت رب البيت ولم أر البيت) وهذا القول لا يدرك
غوره الا من فهم عقيدة المتصوفة٬ فأبو يزيد يشير هنا الى المراحل التي سلكها حتى
وصل الى وحدة الوجود. فالحج الصوفي رمز لسلوك طريق التصوف٬ واول مراحله هو المرحلة
الحسية٬ التي رأى فيها البيت وهو رمز للعالم او الكون وغفل عن دلالته على وجود
الله٬ وفي المرحلة الثانية من الطريق رأى البيت وصاحب البيت٬ اي رأى العالم ورأى
انه يدل على الله٬ وفي المرحلة الثالثة
ادرك الكل٬ الذي لايميز فيه بين البيت وصاحب البيت٬ اي ادرك انهما وحدة واحدة٬
وهذه المرتبة الاخيرة هي مرتبة الوحدة٬ او الفناء او الشهود٬ سمها بما شئت من هذه
الاسماء٬ وهي الدرجة القصوى في سلم المعراج الصوفي.
مفاهيم وحدة الوجود في الادب الفارسي
لقد استخدم الصوفية اسماء
واصطلاحات كثيرة للدلالة على وحدة الوجود ومنها التوحيد وهو عندهم افراد الحق
بالوجود في الازل والابد او هو شهود الموحد القديم مجرداً عن الوجود الحادث٬
والفردانية وهي انفراد الحق بالوجود٬ بانطباق بحر الاحدية على الكل٬ بحيث لم يبق
وجود لغيره قط. والمشاهدة وهي رؤية الحق في الاشياء اي رؤية الحق في كل ذرة من
ذرات الوجود . والفناء وهو زوال الرسوم اي الاكوان جميعاً بالكلية٬ في عين الذات
الاحدية٬ مع ارتفاع الاثنينية.
ومن
هنا تنطلق الانا الحلاجية في جدليتها وفي اقوال الحلاج في وحدة الوجود كثيرة جداً
ليس المقصود استيعابها٬ ولكن الذي ارى
وجوب التأكيد عليه٬ هو انه لم يكن قط من اهل الحلول٬ واستخدامه في شعره ونثره
لمصطلحات الحلول٬ واللاهوت٬ والناسوت لا يبرر جعله حلولياً.
وذلك انه مع
موافقته اللفظية لاهل الحلول يصف الحلول بأوصاف٬ ويقيده بقيود٬ تجعله مبايناً
لمعتقد الحلوليين٬ وموافقاً لمعتقد الوجوديين٬ وهذه شواهد ذلك من اقواله:
قال الحلاج:( ناسوتيتي مستهلكة في لاهوتيتك٬ غير ممازجة اياها)
فهو يرى ان الناسوت مستهلك في اللاهوت او بعبارة اخرى ان الانسان فانٍ في الله٬
وهذا هو مفهوم جميع الصوفية(اهل وحدة الوجود) للفناء٬ واهل الحلول لا يرون استهلاك
الناسوت في اللاهوت٬ بل يعتقدون بقاء الذاتين.
وقال الحلاج:
(الحق تعالى عن الاين والمكان) ٬ والحلوليين يرون ان الناسوت مكان اللاهوت. وقال:
( ما انفصلت عنه البشرية٬ ولا اتصلت به) ٬ واهل الحلول يرون ان الذات الالهية متصلة بالذات البشرية.
حيث يقول الشاعر
والصوفي جلال الدين الرومي وترجمته:
لقد كانت (انا )الحــــق
بين شفتـــــي الحلاج نوراً ٬ بينما كانت( انا) الله في شفتــي فرعون زوراً٬
ويقول: ان قول (انا )في
غير وقتها لعنة على قائلها٬ واما قولها في وقتها فرحمة عليه! ٬ فقول منصور الحلاج
(انا) كان رحمة محققة! واما قول فرعون(انا) فكان لعنة فتأمل ذلك.
من هنا كان
الرومي من اصحاب وحدة الوجود وكانت له نظرته في الفناء في الله تعالى ومن اقواله
في الفناء:
وما معنى علم التوحيد؟
ان تحرق نفسك امام الواحد٬ فاذا كنت تريد ان تشرق مثل النهار٬ فاحرق كيانك المظلم
كاالليل واصهر وجودك في وجود راعي الوجود كما ينصهر النحاس في الاكسير.
وهذا
ينطلق من قول الامام علي عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه ٬ ويقول العرفاء من
الصوفية اي من عرف نفسه بالفناء فقد عرف ربه بالبقاء٬ وقول الشاعر العربي لبيد بن
ربيـعة
الا كل شيء ما خلا الله باطل
وكل نعـــــــــيم لامحالة زائل
وقد جاء في الاثر ان
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
((اصدق ماقالت العرب هذا البيت)).
وهذا هو
التصوف الفلسفي الذي ينتمي اليه هؤلاء المتصوفة الذين يعمدون الى مزج اذواقهم
الصوفية بنظراتهم العقلية٬ لذا يعلق الشيخ محمود شبستري في كتابه (گلشن راز) روضة
الاسرار على الانا الحلاجية بقوله:
روا باشد انا الحق از درختی
چرا نبود روا از نیک بختی
وترجمتها٬ ایقبل من الشجرة قول انا
الحق ولايقبل من الانسان(الحلاج) وهو افضل المخلوقات(وقد كرمنا بني آدم) ٬ وهنا يشير الشبستري الى قوله تعالى
في سورة القصص ((فلما اتاها نودي من شاطئ الوادي الايمن في البقعة المباركة من
الشجرة ان يا موسى اني انا الله رب العالمين)) ٬ وتشير هذه الرؤية الى نظرية الفيض
الالهي التي نادى بها الفيلسوف صدر الدين الشيرازي كما اسلفنا في المقدمة.
ولقد صاغ بعض ادباء الفرس الصوفية مذهبهم في شكل
قصص رمزية ٬ تشير في باطنها ومضمونها الى معاني صوفية كوحدة الوجود ٬ وفي مفاهيم
مختلفة لهذه النظرية وتتضمن مفهوم الفناء تارة و ومفهوم الفيض الالهي تارة اخرى ٬
واشهر من اتبع هذا الاسلوب فريد الدين العطار وجلال الدين الرومي ٬ وهما من
اكبر شعراء الفرس ٬ الذين نهجوا طريق
التصوف. ولهذا الاسلوب امثلة كثيرة اكتفي بعرض بعض منها:
(أ) قصة
السيمرغ وهي القصة الرئيسية في منظومة منطق الطير للصوفي والشاعر فريد الدين
العطار وملخصها: ان طيور العالم قد احتشدت واخذت تتشاور في حاجتها الى ملك يجمع
شملها٬ ويتولى امرها٬ وبينما هي في مؤتمرها هذا اقبل الهدهد٬ واخبرها بأن ثمة
ملكاً نافذ الامر٬ مطاع الكلمة٬ يدعى (سيمرغ) يقيم في مملكته البعيدة جداً٬ وهو
رغم البعد الشاسع محيط بجميع احوال الطير٬ وهو من البعد بحيث لم يستطع احد بلوغ
مكانه والوصول اليه٬ والطريق اليه مليء بالصعاب٬ محفوف بالاخطار٬ ولذا فان اعظم
الابطال والشجعان سقطوا صرعى٬ او عادوا من الطريق٬ ولم يصلوا اليه.
فأثار هذا الكلام من الهدهد شوق جماعة
الطير الى السيمرغ٬ واستحث هممها لمحاولة البحث عنه٬ لان الحياة بدونه موت٬
والوجود بدونه عدم٬ وبعد ان اتفق الجميع على القيام بالرحلة٬ اخذ بعض الطيور يعتذر
بلا عذر حقيقي٬ من ذلك ان البلبل قال: اني عاشق الازهار والورود٬ ولا اعيش الا وسط
الحدائق الغناء٬ وقالت البطة: الماء فراشي ومهادي٬ ولا استطيع العيش بعيداً عنه٬ وهكذا ابدى جماعة
من الطيور اعذارهم٬ والهدهد يرد على كل واحد٬ ويحثهم على السير.
واجتمعت الطيور على المسير بعد ان جعلت الهدهد مرشدها في الرحلة٬ ومرت
الطيور في رحلتها على سبعة اودية وعرة٬ فعبرت وادي الانس٬ ثم وادي الحكمة٬ ثم وادي
الانقطاع٬ ثم وادي الاتحاد٬ ثم وادي الحيرة٬ ثم وادي التجريد٬ ثم وادي الفناء٬
ومكان عبور هذه الوديان سهلاً٬ ولهذا فقد عادت كثير من الطيور وتركت المسير وماتت
طيور اخرى في اثناء الطرق٬ ولم يصل من آلاف الطيور غير ثلاثين طائراً(سي مرغ
باللغة الفارسية) ٬ وبعد ان افنى هؤلاء الطيور انفسهم في نور الذات الالهية٬ يعبر
الشاعر العطار عن هذا المشهد حيث يقول:
فنت ارواح تلك طيور فناءً محضاً٬ وذلك من الحياء والخجل٬
واخيراً غرقوا جميعاً في الحيرة٬ كما اصبحت اجسادهم زرقاء٬ وما ان تطهرت جميعاً٬
حتى وجدوا ارواحهم جميعاً من نور الحضرة٬ فعادوا عبيداً للروح الجديدة
فنت ارواح تلك طيور فناءً محضاً٬ وذلك من الحياء والخجل٬ واخيراً غرقوا جميعاً في الحيرة٬ كما
اصبحت اجسادهم زرقاء٬ وما ان تطهرت جميعاً٬ حتى وجدوا ارواحهم جميعاً من نور
الحضرة٬ فعادوا عبيداً للروح الجديدة٬ وتملكتهم حيرة من نوع جديد٬ وانمحى من صدورهم كل ما
صنعوه وما لم يصنعوه٬ واضاءت من جباهم شمس القربة٬ فاضاءت ارواح الجميع من هذا
الشعاع٬ وفي تلك الآونة رأى الثلاثون طائراً طلعة السيمرغ في مواجهتهم٬ وعندما نظر
الثلاثون طائراً على عجل٬ رأوا أن السيمرغ هو الثلاثون طائراً. فوقعوا جميعاً في
الحيرة والاضطراب٬ ولم يعرفوا هذا من ذاك٬ حيث رأوا انفسهم السيمرغ بالتمام٬ ورأوا
السيمرغ هو الثلاثون طائراً بالتمام٬ فكلما نظروا صوب السيمرغ٬ كان هو نفسه
الثلاثين طائراً في ذلك المكان٬ وكلما نظروا الى انفسهم٬ كان الثلاثون طائراً هم
ذلك الشيء الآخر٬ فاذا نظروا الى كلا الطرفين٬ كان كل منهما السيمرغ بلا زيادة ولا
نقصان.. فهذا هو ذاك٬ وذاك هو هذا٬ وماسمع احد قط في العالم بمثل هذا.
واخيراً غرقوا جميعاً في الحيرة٬ وانخرطوا في
التفكير بلا عقل ولا بصيرة٬ ولما لم يدركوا شيئاً من هذا الحال٬ سألوا صاحب الحضرة
بلا حروف سؤالاً٬ حيث طلبوا كشف هذا السر القوي٬ وطلبوا معرفة الأنية والأنتية.
جاءهم الخطاب من
الحضرة قائلاً بلا لفظ٬ ان صاحب الحضرة مرآة ساطعة كالشمس٬ فكل من يقبل عليه يرى
نفسه فيه٬ ومن يقبل بالروح والجسد٬ يرى الجسد والروح فيه ولانكم وصلتم هنا ثلاثين
طائراً٬ فقد بدوتم في هذه المرآة ثلاثين طائراً واذا حضر اربعون او خمسون طائراً
فانهم يرفعون الحجب عن انفسهم. وان تردوا الى هنا اكثر عدداً٬ فانكم ترون انفسكم٬
وها قد رأيتم انفسكم.
ليس لعديم المروءة
ان تدركنا عينه٬ وكيف تدرك عين النملة نور الثريا؟ وهل رأيت نملة حملت سنداناً؟
وهل رأيت بعوضة حملت بين فكيها فيلاً؟ كل ما ادركته وما رايته انت ليس هو ذلك
الشيء٬ وما قلته وما سمعته انت٬ ليس هو ذلك الشيء٬ وتلك الاودية التي كان كل منكم
قد سلكها٬ وهذه الرجولة التي كان كل منكم قد ابداها٬ قد تمت كلها من اجلنا٬ وهكذا
كنستم وادي الذات والصفة. ولما اصبحتم ثلاثين طائراً٬ بقيتم بلا قلوب عديمي الصبر٬
فاقدي الارواح.
نحن السابقون الى
السيمرغ٬ لذا فنحن الجوهر الحقيقي للسيمرغ٬ فامحوا انفسكم فينا بكل عز ودلال٬ حتى
تجدوا انفسكم فينا. وهكذا انمحوا فيه على
الدوام٬ كما ينمحي الظل في الشمس والسلام.. كنت اتكلم٬ ماداموا يسلكون٬ ولكن ما ان
وصلوا٬ حتى لم يعد للقول بداية ولا نهاية٬ فلا جرم ان نضب معين الكلام هنا ٬ حيث
فنى السالك والمرشد والطريق... .
(ب)
وايضاً قصة الفراشات الثلاث وهي من النتاج الادبي لفريد الدين العطار ومفادها:
اجتمعت فراشات ذات ليلة ٬ ورأت من بعيد شمعة متوهجة ٬ فقالت الفراشات: يجب
على واحدة منا ان نأتي بخبر عن الشمعة ٬ فطارت فراشة حتى وصلت الى قصر بعيد ٬ فرأت
في ردهات القصر نوراً من الشمعة ٬ فرجعت الى الفراشات ٬ واخذت تصف النور الذي رأت ٬
فقال لها ناقد محنك: انكِ لم تحظي بمعرفة الشمعة. ثم طارت فراشة اخرى الى حيث
النور ٬ وطافت حول الشمعة ٬ وحلقت حول اشعتها ٬ ثم عادت وقصت على الفراشات بعض
اسرار نور الشمعة ٬ وما تم لها من وصال ٬ فقال لها الناقد: ان هذا ليس دليلاً
مقنعاً ٬ وانت لم تحظي بعد بالمعرفة الحقيقية بالشمعة. ثم نهضت فراشة ثالثة ٬
واسرعت ثملة سكرى ٬ وعلى نار الشمعة استقرت ٬ فاحترقت كلها في النار ٬ وافنت نفسها
كلية ٬ وهي في غاية السرور ٬ وما ان احتوتها النار حتى احمرت اعضاؤها ٬ وتلونت
بلون النار ٬ وما ان رآها الناقد من بعيد حتى قال: لقد اصابت هذه ٬ وهي التي نالت
المعرفة الحقيقة بالشمعة.
وهذه القصة ترمز الى بلوغ الصوفي درجة الفناء الحقيقي في الله تعالى ٬
بخروجه عن طبيعته البشرية ٬ وتحققه بالصفات الالهية ٬ وانه لا يكون الصوفي واصلاً ولا عارفاً حتى
يبلغ وحدة الوجود.
(ج). وقد وردت في كتاب اسرارنامه
للعطار حكاية عن استاذ لديه تلميذ أحول٬ كان يرى الشيء شيئين٬ وقد ارسله استاذه
لاحضار زجاجة من مكان ما٬ وعندما ذهب رأى الزجاجة زجاجتين٬ فحار أيهما يحضر٬ وعاد
الى استاذه يسأله التدبير٬ فما كان من الاستاذ الا أن أمره بكسر احداهما واحضار
الثانية٬ وعندما نفذ ما أمره به استاذه لم يجد الزجاجة الثانية٬ وهكذا أدرك التلميذ
انه بحوله هذا غير قادر على رؤية الحقيقة٬ وهكذا فان المبتلى بحول عقلي يرى الجوهر
الواحد جوهرين٬ مما يبعده عن ادراك الحقبقة الابدية حيث لا وجود الا لوجود الواحد
فقط. وقد اخذها جلال الدين الرومي ونظمها في حكاية وردت في الكتاب الاول من
المثنوي تحت عنوان(( حكاية ملك اليهود)) الذي كان يقتل النصارى بسبب تعصبه٬ فقد
كان هذا الملك أحول لذا لم يستطع رؤية ان عيسى ليس الا روح موسى٬ وموسى ليس الا
روح عيسى٬ ثم أورد بعد ذلك قصة الاستاذ مع تلميذه الأحول٬ معلقاً عليها بأن المرء
أحول مما به من الهوى والغضب.
وايضاً يقول الرومي في كتابه فيه ما فيه: في
حضرة الحق لا مكان لاثنتين مِن(أنا). انت تقول(أنا) ٬ وهو يقول(أنا): فاما ان تموت
امامه٬ واما ان يموت امامك٬ حتى لاتبقى الثنائية. اما ان يموت هو سبحانه فأمرُ غير
ممكن لا في الواقع ولا في التصور٬ كيف ذلك وهو الحي الذي لا يموت؟. والان اذ الموت
في حقه تعالى غير ممكن٬ مُت انت حتى يتجلى عليك٬ وتزول الثنائية. عندما تربط
طائرين حيين معاً٬ برغم وجود التجانس بينهما وتحول جناحيهما الى اربعة اجنحة٬ لا
يطيران٬ لان الثنائية قائمة. اما اذا ربطت طائراً ميتاً بطائر حي٬ فان الطائر الحي
يطير لان الثنائية زالت.
إن نظرية وحدة الوجود هي نظرية إنسانية
بامتياز , كان للحضارات العربية قبل الإسلام و الحضارة العربية الإسلامية دورها
الهام في صياغتها. الفكر الإسلامى والحوار الدينى يعتبر التصوف
الإسلامى ثروة روحية عُظْمى ليس فقط على مستوى الحضارة الإسلامية، بل على مستوى
الحضارات العالمية جمعاء، لذلك فهو مؤهَّل لكى يكون مجالاً مفتوحًا للتلاقى بين
الحضارات والأديان العالمية. والواقع أن الحركة الروحية فى الإسلام، أى التصوف،
تجد موازيات عديدة فى حركات روحية مماثلة فى سائر الأديان العالمية. وهذا لأن كل دين
منها يحتوى فى داخله على بُعد روحِى أو صوفِى (mystic)، كما يُسمَّى فى اللغات الغربية. وقد أشار الكثير من الباحثين
إلى أن هناك عددًا وافرًا من الموازيات المدهشة العجيبة بين التيارات الروحية
العالمية المختلفة. إذن، فالتصوف الإسلامى لا يأتى يتيمًا فى تاريخ البشر، إنما
يأتى فى انسجام واسع وتناغم عجيب مع التيارات الروحية الدينية الأخرى. هذا مما
يجعلنا نبحث عن المشترك العام لتلك التيارات الروحية العالمية وأن نوضِّح، ولو
قليلاً، المصدر والماهية لذلك البعد الصوفى أو الروحى الذى يبدو متأصلاً فى صميم
الكائن البشرى، بقدر ما هو كذلك، عبر الزمان والمكان.
التصوف فى الأفق الوجودى الإنسانى يعتبر ان الانسان، وهو الكائن
المتسائل بامتياز، فى بحث دائم دؤوب عن معنى وجوده. ولا يجد إجابة مقنعة على
تساؤلاته هذه إلا فى الخبرة الدينية الصحيحة، وخاصة فيما يُعتبر جوهر هذه الخبرة
الدينية، وهى الخبرة الروحية الصوفية (mystic). وهذا لأن
الإنسان من خلال الخبرة الصوفية يتقابل فى أعماق ذاته مع المصدر الأول لوجوده، وهو
فى الوقت نفسه هدفه الأخير، هو المطلق، الله.
ومن هنا تأتي
الجدلية الاخرى التي تربط الاديان فيما بينها للوصول الى الحقيقة المطلقة، حيث يروى عن امير المؤمنين علي ابن
ابي طالب وهو رمز اهل التصوف والعرفان ،
حينما عاد من حرب الخوارج في النهروان ومر على دير للنصارى فقال احد اصحابه لطالما
عُصي الله في هذا المكان فقال له الامام لطالما عُبد الله في هذا المكان اي ان النصراني يبحث عن الله في هذا المكان.
ومن بين الاثار الادبية التي تشير
الى هذه المفاهيم:
قال جلال الدين
الرومي في ديوانه:
نفسي! ايها النور المشرق،
لا تنء عني، لاتنء عني
حبي ! ايها المشهد المتألق، لا تنء
عني، لا تنء عني
انظر الى العمامة احكمتها فوق رأسي
بل انظر الى زنار زرادشت حول خصري
احمل الزنار، واحمل المخلاة، لا بل
احمل النور
فلا تنء عني ، فلا تنء عني
مسلم انا ولكني نصراني، وبرهمي
وزرادشتي
توكلت عليك ايها الحق الاعلى
فلا تنء عني، فلا تنء عني
ليس لي سوى معبد واحد، مسجداً او
كنيسة او بيت اصنام
ووجهك الكريم فيه غاية نعمتي
فلا تنء عني ، فلا تنء عني
وهذا ايضاً معنى ابيات ابن عربي كما
ستلحظ ذلك بأدنى تأمل:
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان
وبيت لاوثان وكعبة طائف والواح توراة ومصحف قرآن
ادين بدين الحب انى توجهت ركائبه فالدين ديني وايماني
وقال جلال الدين الرومي ايضاً:
ايها المسلمون! ليت شعري ماالتدبير؟ انا لا ادري من انا
فلا انا نصراني ولا يهودي ولا زرادشتي ولا مسلم
ولا شرقي ولا غريي،
ولا علوي ولا سفلي
ولا انا من عناصر الطبيعة، ولا انا
من الفلك الدوار
ولا انا هندي ولا انا صيني ولا بلغاري ولا من صقلية
ولا عراقي ولا من ارض خراسان
علامتي بلا علامة، مكاني بلا مكان
ولا انا جسم ولا روح، فنفسي روح
الارواح
لما لفظت الاثنينية رأيت العالم
واحداً
اني أرى واحداً وانشد واحداً واعلم
واحداً واقرأ واحداً
ويقول ايضاً:
والذي لا قرين له ولا آلة هو الواحد،
وفي العدد شك
ولكن هذا الواحد لا شك فيه !
وكل من قالوا بالاثنين او الثلاثة
او بما هو اكثر من ذلك
متفقون على الواحد يقيناً!
وحين يزول عنهم الحَوَل يصبحون
جميعاً متشابهين
والقائلون بالاثنين او بالثلاثة
يصبحون قائلين بالواحد!!.
ومن بين الآثار الادبية ايضاً
والتي تشير الى نظرية وحدة الوجود وانتشارها بين الاديان والثقافات المختلفة هي
اشعار هاتف الاصفهاني والتي تشير الى سعي وجهود هذا الشاعر العرفاني الصوفي بتوجيه
فكرة التثليث في المسيحية نحو التوحيد الاسلامي بأعتبار الاب والابن وروح القدس هي
تجليات الواحد الازلي الاحد، وهي مشابهة لفكرة
ونظرية الفيض الالهي لصدر الدين الشيرازي كما اسلفنا، بيد ان المسيحية اعتقدت ان الله كامن في هذه
الصور الثلاث تحديداً.
وهاتف الاصفهاني هنا في شعره يبرر للمسيحية
فكرة التثليث من خلال الرؤية الصوفية بتوجيهها نحو التوحيد الاسلامي وفقاً للفكر
الاسلامي المتسامح وكما اوضحنا في الرواية التي نقلناها عن امير المؤمنين علي بن
ابي طالب عليه السلام ورؤيته في عبادة الاديان الاخرى.
وهذه نماذج من شعر الاصفهاني وهو يخاطب
حبيبته النصرانية وقد تكون تلك العلاقة المجازية قد قادته نحو العشق الالهي
والانقطاع الى منبع الجمال والنقاء كله ويحكي احد المقاطع الجميلة عن هذه الحالة
وهو الدليل على صدق هذا الرأي فيقول هاتف:
لن
انقض العهد معك ايها الحبيب
ولو قطعوني ارباً ارباً
حقاً ان آلاف الارواح منا
فداءاً لابتسامة صغيرة من فمك العذب
فكفاك يا أبتي
نصحاً عن العشق
لانه لن يكون ولدك اهلاً له
فيامن يعظون الناس وينصحون
فليتهم يعظوني عن عشقك
واني اعلم طريق مقام السلامة والعافية
فماذا افعل وقد وقعت في الشراك
فقلت لفاتنة من قوم عيسى في الكنيسة
ايها القلب اني اسير شباكك دون انيس
فيامن له سيف بتار ومن زنارك
ومن علائقه وقيوده يخلصني
الى متى الضلال عن الوحدة والوحدانية
فدع عنك عار التثليث وحتى متى تنسبها للواحد؟
فمن اللائق ذكر الحي الواحد الاحد
فلماذا ذكر ودعوة التثليث؟
فأنسابت ابتسامة من شفاها العذبة
فتحدثت وقالت لي
لو انك مطلع عارف بسر الوحدة
لما رميتنا بتهمة الكفر
لقد القى المعشوق الازلي في تلك المرايا الثلاث
بأشراقة من نوره الساطعة
وبينما نحن في هذا الحوار إذ علت
نغمة نشيد من ناقوس مدويةً
احد هو لا احد سواه
وحده لا اله الا هو
وهذا هو
منهج الاصفهاني الذي يحل فيه العشق الالهي محل العشق المجازي، ويرى فيه ان جميع آثار عالم الوجود إشراقة
من انوار ربانية. وقد انطلقت
استراتيجية التعامل الحضاري في التاريخ الإسلامي من هذا المفهوم، فلم يقم المسلمون
بإجبار الآخرين على تغيير معتقدهم، ولا يذكر التاريخ أن فترة أو حاكماً أو مرحلة
من مراحل التاريخ الإسلامي شهدت عمليات إرهاب ديني أو قمع مذهبي. ويؤكد هذا وجود
عدد من الأديان والطوائف والمذاهب تمتعت بحرياتها خلال المراحل المختلفة لحكم
الإسلام عبر أربعة عشر قرناً.
والأفلاطونية
الحديثة تحتوي على كثير من الفكر الصوفي إن صح التعبير – حيث يعتقدون بنظرية الفيض
الإلهي وكذلك يقولون بالعقل الأول والنفس الكلية والهيولي والنفوس الجزئية وهي من
مراتب الوجود عندهم وهذا ما يقول به بعض الصوفية كما عند ابن عربي، وكذلك نظرية الكشف والشهود والمعرفة .
الخاتمــــة والتوصیات
وأختم هذا البحث ببيان أهم النتائج التي توصلت
إليها:
1- إن العلم
بحقائق الأشياء والوعي بالمفاهيم يعد مدخلًا رئيسًا لتضييق دائرة الخلاف أو
إزالته.
2- إن الاصطلاحات أصبحت أدوات في الصراع الحضاري
والفكري بين الأمم، وفي داخل الأمة الواحدة.
3- إنه عند دراسة أي اصطلاح من الاصطلاحات يجب أن تعرف الوسيلة التي وصل بها هذا
الاصطلاح.
4- لا يمكن فهم الاصطلاح في
الادب الفارسي الا من خلال حصول المقاربة للادب الصوفي وتعتمد هذه المقاربة على
دعامتين الاولى قائل النص او(الاصطلاح) والثانية قارئ النص او(الاصطلاح).
المصادر
1.
الحکیم ,دکتر
سعاد, معجم الصوفي,بیروت,1981.
2.
السجادي , سید
جعفر , فرهنگ مصطلحات عرفاء ومتصوفة ,تهران 1339.
3.
بدیع الزمان ,
فروزانفر, فیه ما فیه , امیر کبیر , تهران 1348.
4.الرومي,جلال الدين, مثنوی
معنوی نسخۀ نیکلسون,تصحیح ناهید فرشاد ,تهران 1378 هجری ش.
5.صورتگر,
دکتر لطفعلی, تجلیات عرفان در ادبیات فارسی ,تهران,1345.
6 .الشبستري , شیخ
محمود, گلشن راز( روضة الاسرار), تهران, 1385.
[1] باروخ سبينوزا فيلسوف هولندي من أهم فلاسفة
القرن 17. ولد في 24 نوفمبر 1632 في أمستردام، وتوفي في 21 فبراير 1677.
ولد سبينورزا في عام 1632م في أمستردام، هولندا، عن عائلة برتغالية من أصل يهودي تنتمي إلى طائفة المارنيين. كان والده تاجرا ناجحا ولكنه متزمت للدين اليهودي، فكانت تربية باروخ أورثودوكسية، ولكن طبيعته الناقدة والمتعطّشة للمعرفة وضعته في صراع مع المجتمع اليهودي. درس العبرية والتلمود في يشيبا (مدرسة يهودية) من 1639 حتى 1650م. في آخر دراسته كتب تعليقا على التلمود. وفي صيف 1656 نُبذ سبينوزا من أهله ومن الجالية اليهودية في أمستردام بسبب إدّعائه أن الله يكمن في الطبيعة والكون، وأن النصوص الدينية هي عبارة عن استعارات ومجازات غايتها أن تعرّف
بطبيعة الله.
ولد سبينورزا في عام 1632م في أمستردام، هولندا، عن عائلة برتغالية من أصل يهودي تنتمي إلى طائفة المارنيين. كان والده تاجرا ناجحا ولكنه متزمت للدين اليهودي، فكانت تربية باروخ أورثودوكسية، ولكن طبيعته الناقدة والمتعطّشة للمعرفة وضعته في صراع مع المجتمع اليهودي. درس العبرية والتلمود في يشيبا (مدرسة يهودية) من 1639 حتى 1650م. في آخر دراسته كتب تعليقا على التلمود. وفي صيف 1656 نُبذ سبينوزا من أهله ومن الجالية اليهودية في أمستردام بسبب إدّعائه أن الله يكمن في الطبيعة والكون، وأن النصوص الدينية هي عبارة عن استعارات ومجازات غايتها أن تعرّف
بطبيعة الله.
.[3]ون واﻧﻎ أﺣﺪ أﺑﺎﻃﺮة الصین وله کتاب التغیرات ویقول ول
ديوارنت
في كتابه عن الحضارة إذ ﻻ
ﻳـﻜـﺎد ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﺼﻴﻨﻲ ﻛﻠﻪ ﻛﺘﺎب ذو ﺷﺄن ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﻣﺎ وراء اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ غيره في الصين
وﻗﻴﻞ اﻧﻪ ﻛﺘﺒـﻪ ﻓـﻲ ﺳـﺠـﻨـﻪ
واﻧـﻪ اﺑـﺘـﻜـﺮ ﻓـﻴـﻪ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻔﻠﺴﻔﺔ وﻗﺮاءة ﻋﻠﻮم ﻣﺎ وراء اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.
[4]
النظرة الاورفية هي نظرية اغريقية تنسب الى
صاحب النظرية اورفيوس اودنيس والتي شقت طريقها إلى الفلسفة على يد فيثاغورس (
572 – 497 ق. م ) الذي علم تلاميذه تناسخ الروح وان الروح تسجن في الجسم وتغادره
عند الموت ، بعد مدة من التطهير تدخل الجسم مرة أخرى ، وهذه العملية تكرر نفسها
عدة مرات ، ولكن يتعين على الإنسان للتيقن من انه مع كل وجود جديد تحتفظ الروح
بنقائها وتصبح أفضل واشد نقاء ، وبالتالي تقترب أكثر من المرحلة النهائية التي يتم
فيها التوحيد مع الله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق